إن الماء هو بداية تكوين كل مخلوق خلقه الله سبحانه وتعالى، فهو أهم مقومات الحياة الإنسانية، ولهذا ورد لفظ الماء في القرآن الكريم في (63) موضعاً تذكر بأن الماء نعمة يمنّ بها الخالق عز وجل على عباده وسائر خلقه، كما قال تعالى : {وجعلنا من الماء كل شيء حي }.
وقد بدأ ارتباط الإنسان بالماء منذ نشوئه على هذه الأرض ، وأصبح المحور الأساسي في عملية التأثير والتأثر، وكلما ازدادت نشاطات الإنسان على هذه الأرض ازداد بذلك تأثيره على البيئة في شتى مجالاتها، سواء كان ذلك التأثير بشكل إيجابي أو سلبي .
ولاحتلال الماء الصفوف الأولى في الأهمية أسرار، منها أن الحياة لا تقوم بدونه، بل إن بعض الكائنات الحية قد تستغني عن الهواء كالبكتريا اللاهوائية، ولكنها لا تستطيع العيش بدون الماء، وإلى الآن لم يعرف أي كائن حي استغنى عن الماء.
كما أنه من المحتمل أن يموت الإنسان إذا فقد ما يعادل 20 % من الماء الذي يشكل70 % من وزن جسم الإنسان في الحالة الطبيعية، ويقدر ما يحتاجه جسم الإنسان من الماء كل يوم بـ (2.4) لتر، أي يتراوح من (6 إلى
أكواب يومياً .
ومن اللافت للنظر أن معدل استهلاك الفرد في الكويت للمياه يصل إلى 340 لتراً يومياً، وهذا المعدل المرتفع في استهلاك الفرد يعتبر من أعلى المستويات استنزافاً للماء في العالم، ونظراً إلى افتقارنا الشديد للموارد المائية فإننا ـ وبالنظر لهذا المعدل الخطير ـ معرضون لمشكلة كبيرة، وقد نكون مهددين بالجفاف لو استمر استنزاف المياه بهذا الشكل، وسيؤدي ذلك إلى نضوب هذه الثروة والنعمة من بلادنا بسبب الاستنزاف والاستهلاك العشوائي، لذا يجب علينا أن نحافظ على المياه ونستثمرها استثماراً جيداً، ونحذر الإسراف في استهلاكها، ونتجنب المبالغة في استعمالها .
والإسراف مذموم شرعاً، وله صور عديدة وأشكال مختلفة، فمنها ما يكون على مستوى الفرد، ومنها ما يكون على مستوى المجتمع، فهناك من يسرف في استخدام المياه واستعمالها ، لاسيما الصالحة للشرب فيهدرها في ريّ المزروعات وغسل السيارات وتنظيف الأفنية، أو يبالغ في استخدامها منزلياً سواء كان ذلك في المطابخ أو دورات المياه ونحو ذلك، ناسياً أو متناسياً أن الإسراف سلوكٌ خاطئ وتصرفٌ ذميم مخالف لتعاليم الدين وتوجيهاته، التي قال فيها الله عز وجل : { وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ } ، وقال الله تعالى: {وَانَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ} وقال جل ذكره: {وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً} .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « كلوا واشربوا وتصدقوا والبسوا ، ما لم يُخالطه إسرافٌ أو مخيلةٌ».
وقديما قيل : «الإسراف سبب كل جفاف»، وهي عبارة واقعية تماماً، تمثل النتيجة الحتمية للإسراف وعدم النظر في عواقب اللامبالاة لسوء الاستعمال لنعمة المياه .